[سورة النحل (16): الآيات 65 الى 69]
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
[سورة النحل (16): الآيات 65 الى 69]
[سورة النحل (16):
الآيات 65 الى 69]
الإيضاح
(وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ
الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) نبه
سبحانه عباده إلى الحجج الدالة على توحيده، وأنه لا تنبغى الألوهية إلا له ولا
تصلح العبادة لشيء سواه، فبين أن ذلك المعبود هو الذي أنزل من السماء مطرا، فأنبت
به أنواعا مختلفة من النبات في أرض ميتة يابسة، لا زرع فيها ولا عشب، إن في ذلك
الإحياء بعد الموت لدليلا واضحا، وحجة قاطعة على وحدانيته تعالى وعلمه وقدرته لمن
يسمع هذا القول سماع تدبر وفهم لما يسمع، إذ لا عبرة بسماع الآذان، فهو أشبه بسماع
الحيوان.
وبعد أن ذكر نزول الماء من السحاب ذكر خروج اللبن من
الضّرع، وفيه أكبر الأدلة على قدرة القادر فقال:
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ
مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خالِصًا سائِغًا
لِلشَّارِبِينَ) أي وإن لكم أيها الناس لعظة في الأنعام دالة على باهر قدرتنا،
وبديع صنعنا، وواسع فضلنا، ورحمتنا بعبادنا، فإننا نسقيكم مما في بطونها من اللبن
الخالص من شائبات المواد الغربية، السهل التناول، اللذيذ الطعم، وهو متولد من بين
فرث ودم.
فإن الله جلت قدرته جعل الحيوان يتغذى بما يأكل من نبات
ولحوم ونحوهما حتى إذا هضم المأكول تحول بإذنه تعالى إلى عصارة نافعة للجسم وفضلات
تطرد إلى الخارج، ومن هذه العصارة يتكون الدم الذي يسرى في عروق الجسم لحفظ
الحياة، وبعض هذا الدم يذهب إلى الغدد التي في الضرع فتحولها إلى لبن، فكأنّ
الصانع الحكيم جعلها مصنعا ومعملا لتحويل الدم إلى لبن، وهكذا في الجسم غدد أخرى
كالغدد الأنفية للمخاط والغدد الدمعية للعين، والغدد المنويّة التي تحول الدم إلى
مادة التلقيح.
وبعد أن ذكر اللبن وبين أنه جعله شرابا سائغا للناس،
ثلّث بذكر ما يتخذ من الأشربة من ثمرات النخيل والأعناب فقال:
(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ
مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا) أي ولكم أيضا عبرة فيما نسقيكم من ثمرات النخيل
والأعناب مما تتخذونه خمرا وخلا ودبا (عسل التمر) وتمرا.
روي عن ابن عباس أنه قال: السّكر ما حرّم من ثمرتيهما،
والرزق الحسن ما أحلّ من ثمرتيهما كالخل والرّب (المربة) والتمر والزبيب ونحو ذلك.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي إن
في ذلك لآية باهرة لمن يستعملون عقولهم.
بالنظر والتأمل في الآيات، ويعتبرون بما يستخلص من
العبر.
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) أي وألهم ربك النحل
وألقى في روعها، وعلّمها أعمالا يتخيل منها أنها ذوات عقول.
وقد تتبع علماء المواليد أحوالها وكتبوا فيها المؤلفات
بكل اللغات، وخصصوا لها مجلات تنشر أطوارها وأحوالها، وقد وصلوا من ذلك إلى أمور:
(1) إنها تعيش جماعات كبيرة قد يصل عدد بعضها نحو خمسين
ألف نحلة، وتسكن كل جماعة منها في بيت خاص يسمى خلية.
(2) إن كل خلية يكون فيها نحلة واحدة كبيرة تسمى الملكة
أو اليعسوب، وهي أكبرهم جثة وأمرها نافذ فيهم، وعدد يتراوح بين أربعمائة نحلة
وخمسمائة يسمى الذكور، وعدد آخر من خمسة عشر ألفا إلى خمسين ألف نحلة، ويسمى
الشغالات أو العاملات.
(3) تعيش هذه الفصائل الثلاث في كل خلية عيشة تعاونية
على أدق ما يكون نظاما، فعلى الملكة وحدها وضع البيض الذي يخرج منه نحل الخلية
كلها، فهي أم النحل، وعلى الذكور تلقيح الملكات وليس لها عمل آخر وعلى الشغالة
خدمة الخلية وخدمة الملكات وخدمة الذكور، فتنطلق في المزارع طوال النهار لجمع رحيق
الأزهار ثم تعود إلى الخلية فتفرز عسلا يتغذى به سكان الخلية صغارا وكبارا، وتفرز
الشمع الذي تبنى به بيوتا سداسية الشكل تخزن في بعضها العسل، وفى بعض آخر منها
تربى صغار النحل، ولا يمكن المهندس الحاذق أن يبنى مثل هذه البيوت حتى يستعين
بالآلات كالمسطرة والفرجار (البرجل). قال الجوهري: ألهمها الله أن تبنى بيوتها على
شكل سداسى حتى لا يحصل فيه خلل ولا فرجة ضائعة، كما عليها أن تنظف الخليّة وتخفق
بأجنحتها لتساعد على تهويتها، وعليها أيضا الدفاع عن المملكة وحراستها من الأعداء
كالنمل والزنابير وبعض الطيور.
فوائد النحل
(1) نأخذ منها العسل الذي هو غذاء لذيذ الطعم يحوى
مقدارا كبيرا من المواد المفيدة للجسم.
(2) نأخذ منها الشمع الذي تصنع منه شموع الإضاءة.
(3) تساعد على تلقيح الأزهار فتكون سببا في زيادة الثمار
وجودة نوعها.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أي
إن في إخراج الله من بطون النحل الشراب المختلف الألوان الذي فيه شفاء للناس -
لدلالة واضحة على أن من سخر النحل، وهداها لأكل الثمرات التي تأكلها، واتخاذها
البيوت في الجبال والشجر والعروش، وأخرج من بطونها ما أخرج مما فيه شفاء للناس، هو
الواحد القهار الذي ليس كمثله شيء، وأنه لا ينبغي أن يكون له شريك، ولا تصح
الألوهة إلا له.
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
بحوث مدرسية جاهزة نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 commentaires: