التجسيم الفني

التجسيم الفني

ماهي المجسمات ؟!

المجسمات أو ( التماثيل ) تحف أو أعمال فنية مقولبة أو مشكلة من مادة جامدة من المواد , على هيئة وشكل مادة 

أخرى .

والنحت هو حفر المادة الجامدة لنقش شكل أو صورة معينة عليها ثم إخراجها بالتالي على هيئة معروفة.

وإذا تأملت- أخي القارئ – فسوف تلاحظ ذلك التبادل العكسي في كثير من الحالات بين النحت – والتجسيم .

فكل واحد منهما هو عكس الآخر , وكلما قمت بعمل تقصد منه واحد منهما اعتمدت على الطرف الثاني .

فحتى تجسم شكل أسد من صخرة فلا بد من حفرها للوصول إلى تلك الغاية . مستبعدا الأطراف ومبقيا على اللب .

أما إذا شئت أن تحفر صورة أسد فأنت تقوم بعكس العملية , تستبعد اللب وتستبقي أطراف المادة .

كما إن حفر لوحة لكتابة جملة معينة سوف نستخلص منها حروفا يمكن تجسيمها على لوحة أخرى إن كان حفر اللوحة متقنا .

تاريخ التجسيم :

ترافق التجسيم مع نشوء فن الرسم , ولذا فهو قديم قدم البشرية , نشهد على ذلك الكثير من الآثار التي بقيت إلى اليوم منذ آلاف السنين كشاهد على تقدم تلك الأمم أو إبداعها أو قوتها الجبارة , وما أبو الهول في مصر إلا واحد من تلك الشواهد , وكذلك ومدائن صالح , وحدائق بابل وغيرها .

 أنواع المجسمات :

تنقسم المجسمات إلى نوعين :

1-     مجسمات أرضية :

وهي تلك المجسمات التي تعتمد على قاعدة تجلس أوتقف عليها , قد تكون كبيرة على شكل جبل كأبي الهول سالف الذكر , أو تكون عبارة عن تحفة صغيرة في حجم قبضة اليد .

المجسمات الفنية الحديثة – هي مجسمات تكون معدة لتعرض على الأرض , أو على طاولة مخصصة لذلك , وهذا النوع من المجسمات عبارة عن صندوق ذات قاعدة من الخشب أو غيره , ومغطى أحيانا بصندوق زجاجي أو بلاستيكي شفاف للحماية .

2-     المجسمات الجدارية :

عبارة عن عمل فني يستند على خلفية ثابتة بصورة دائمة أو متحركة مع كامل الهيكل .

وقد يكون هذا المجسم بكبر جبل كمدائن صالح . وقد يكون عبارة عن درع تذكاري صغير .

المجسمات الحديثة- هي لوحة خشبية أو غير ذلك تعلق على الجدران , وتكون الأشكال الموجودة عليها بارزة أو محفورة في حدود 5 سم .                                                                                                               

                                       

 المجسمات الفنية والمجسمات التعليمية أو الإيضاحية

المجسمات أو المنحوتات الفنية هي أعمال قصد بها الفن من أجل الفن . وهي في العادة عبارة عن شكل واحد أو شكلين , أو أشكال محدودة جدا متداخلة ومتجانسة . منحوتة أو مجسمة . وهذه الأعمال أكثر احترافية وخلودا ولابد من التميز والابتكار فيها , كما لا تقبل التقليد والتكرار إن أراد الفنان لعمله البروز . وقد برع الكثير من الفنانين في هذا المجال قديما وحديثا , وما زالت أعمالهم محفوظة في أشهر المتاحف والمعارض العالمية .

اما بالنسبة للمنحوتات أو المجسمات التعليمية أو الإيضاحية فالمقصود بها إيصال المعلومة الهدف بأقصر الطرق وبصورة جمالية وبصرية , أي أنها تجمع بين التعليم والفخامة الفنية , وهذه المجسمات لا تحتاج كثير خبرة في النحت والتجسيم , ولا ذلك الخيال الواسع الذي يمتلكه الفنانين المحترفين , كما أن هذه الأعمال ذات عمر قصير فقد ينتهي دورها بانتهاء الغرض الذي صنعت من أجله , وهي في العادة تتكون من العديد من العناصر متشابهة أو متنافرة تركب في جسم واحد , وذلك بعكس المجسمات الفنية التي تقتضي براعة وإبداع أكثر بكثير هذه المجسمات هي تلك الأعمال النشاطية التي يعدها الطلبة والطالبات في مدارسهم وكلياتهم , وتلك المجسمات التي يصنعها الجنود لوحداتهم العسكرية تمثل معركة من المعارك أو خطة حربية من الخطط .

وتلك المجسمات المتقنة لمشاريع معمارية ضخمة التي تحرص مؤسسات وشركات البناء والمقاولات على نصبها في مداخل مقراتها .

انحصار الأعمال اليدوية وقرب انقراضها

كان الفن آخر المعاقل التي لم يتوقع الإنسان بأن الآلة والتقنية الحديثة سوف تغزوه , أو سوف تكتسحه كما فعلت ببقية النواحي الأخرى في الحياة . معللا ذلك بخصوصية الفنون , وأنها مرتبطة بالذائقة والمشاعر والأحاسيس الإنسانية .

بيد أن الآلة – أو بالأحرى التقنية الحديثة – قد اقتحمت بقوة مجال الفنون بمختلف أنواعها. ومجال الرسم والفنون التشكيلية على وجه الخصوص . فالخط العربي بات أي أجنبي لا يعرف حرفا عربيا نطقا أو كتابة – يستطيع أن يكتب أجمل العبارات التي لا يستطيع معظم الخطاطين كتابة مثلها . وذلك ببرامج زهيدة تحاكي الخطوط العربية بمختلف أنواعها.

كما انه ببرنامج جرافكيس كالفوتوشوب يستطيع مصمم لا علاقة له بالفنون التشكيلية رسم لوحة لا تفرق بينها وبين إحدى لوحات دي فنشي أو بيكاسو , معتمدا على هذا البرنامج الساحر وبآلاف الفلاتر والفرش والقوالب التي يحتويها والتي تحاكي يد الرسام بكل براعة !!! .

أما في مجال النحت والتجسيم فآلات الليزر بالغة الدقة تستطيع أن تنقش لك ما شئت على قرص عملة معدني لا يتجاوز قطرة 2سم .

إذا ماذا بقي للأعمال الفنية والحرفية البشرية ؟!!!

وهل باتت في الرمق الأخير ؟!!

النحت والتجسيم في نظري سيبقى عقد أو عقدين قبل أن تتلاشى الأيدي الإنسانية التي تقوم به , ليس فقط على مستوى الأعمال العادية , وإنما حتى الأعمال الفنية الاحترافية أيضا .

 ولولا غلاء آلات الليزر في الوقت الحاضر مما يحول دون امتلاكها لمعظم وكالات الدعاية والإعلان ومحلات الخط والرسم والأعمال الفنية – كنا لم نر مجسم بصنع يدويا في معظم دول العالم, حالها كحال لافتات المحلات التي باتت تخط وتطبع على مكائن طباعة متخصصة مما قضى على الخطاطين قضاء شبه تام وأخرجهم تماما من مجالهم الذي احتكروه منذ القدم .