Mohon Aktifkan Javascript!Enable JavaScript
اعلان هام: تم نقل هذه المدونة الى مدونتنا الجديدة نظرا لوجود بعض المشاكل التي واجهها معظم الزوار والتي تم التبليغ عنها لذا يمكنكم زيارتنا على الرابط (https://bou7outh2u.blogspot.com/) ... بالتوفيق للجميع ....

هوشي منه

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
 هــــوشي مـــــنــه 








Image result for ‫هــــوشي مـــــنــه‬‎




(19 مايو 1890 – 2 سبتمبر 1969 )
( باللغة الفيتنامية :  Hồ Chí Minh) الرئيس الأول  لفيتنام الشمالية ((1945 - 1969  ورئيس الوزراء (1945 - 1955) ومؤسس الدولة الفييتنامية الشمالية ورائد النهضة القومية في الهند الصينية ينتمي إلى أسرة فقيرة معدمة رفاقه

كانوا يدعونه "العم هو اللطيف"هاجر بريطانيا للعمل هناك عام 1914 خاض مع رفاقه حروبا محدودة ضد الاستعمار الفرنسي لبلاده 1917 التحق بالحزب الشيوعي الفييتنامى وأسس جريدة البرياء وأصبح عضوا فاعلا في الحزب.

  يستمد كتاب : ((هوشي منه  بين الحلم الثوري الفيتنامي والبيروقراطية الستالينية )) أهميته من خصوصية اللقاءات التي أجراها المؤلف مع رجال عظماء ساهموا في صياغة أحداث التاريخ الحديث. فقد استطاع  المؤلف جان لاكوتور الذي بدأ حياته المهنية في الصحافة كمراسل في مصر وفيتنام أن يجري مقابلات مع قادة  كبار في العالم أمثال هوشي منه  و جمال عبدالناصر والجنرال ديغول وفرانسوا ميتران وغيرهم. وقدّم للمكتبة العالمية أكثر من أربعين كتاباً من بينها كتاب عن سيرة حياة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وأول كتاب له يحمل عنوان »مصر المتحركة« الذي نشر عام 1956

 وفي كتابه الجديد،:هوشي منه  بين الحلم الثوري الفيتنامي والبيروقراطية الستالينية  يتحدث لاكوتور عن اللقاءات التي زخرت بها مسيرة حياته وعن الأحداث التي كان شاهداً عليها، حيث يذكر أنه قد شارك شخصياً في عملية تبادل لرسائل بين جمال عبدالناصر وديفيد بن غوريون من خلال نائبين بريطانيين في عام 1954. والكتاب في المحصلة شهادة حية عن أحداث وشخصيات غيّرت وجه العالم الذي نعيش فيه
 احتلت اليابان منذ شهر مارس 1945 منطقة الهند الصينية. وكانت تدور آنذاك تساؤلات كثيرة حول ما سيجري هناك ودور القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وأيضاً دور الثوار الفيتناميين ورئيسهم الشهير »هوشي منه«. 
 في الثاني من شهر نوفمبر 1945 وصل مؤلف هذا الكتاب إلى مدينة »سايغون« قادماً من مرسيليا في مهمة مع الجيش على ظهر سفينة »أورونت« التي أجرتها البحرية البريطانية لفرنسا. عن هذه المهمة يقول: »كنا نعرف إننا لا نعرف الكثير عن مهمتنا ولا عن إطارها. ولاحظنا اننا كنا أكثر جهلاً مما كنا نعتقد«. فقط كان هناك عدد من الرجال ينتظرون على الرصيف، لكنهم لم يكونوا يعرفون أكثر عن تلك المهمة
 كل ما كان يعرفه المؤلف هو انه كان المسؤول الصحافي في إطارها وكان مطلوب منه إعداد نشرة تحمل عنوان »كارافيل« من مقر جرى إعداده في قبو لدار سينما »ماجستيك«. ومن هناك بدأت رحلة التعرف على الشعب الفيتنامي وقضيته
 في الفترة الأولى لم يتم النظر إلى الفرنسيين، ولم تتم معاملتهم كمحتلين من قبل الفيتناميين. فالثوار الفيتناميون »الفييتمنة« ظلوا في الكواليس آنذاك.. وكانت المقاومة في الجنوب تقتصر على المناطق الحدودية.. الأمر الذي لا يمنع واقع أن المهمة المباشرة التي كانت ملقاة على عاتق القوة المسلحة التي كان المؤلف ورفاقه ينضوون في إطارها إنما تمثلت في مواجهة تلك المقاومة
 ضمن هذه الأجواء من التوتر ومخاطر تعميم الحرب وتبادل رشقات المدافع الرشاشة أجرى المؤلف العديد من اللقاءات التي يصفها بالقول: »لقد أجريت لقاءات كان منها أن وجهت لسنوات طويلة مسيرتي، بل ورؤيتي للعالم«. 
 لقاءات كانت »فرنسية« أولاً، إذ في مطلع شهر ديسمبر 1945، أي بعد شهر من الوصول إلى سايغون كان مؤلف الكتاب شاهداً على عملية استعادة السيطرة على مدينة »تاي فينه« وهناك قابل العقيد »بول موس« قائد القوة الفرنسية الذي كان يعمل مستشاراً سياسياً للجنرال لوكليرك، محرر باريس من النازية
 كان »موس« رجلاً مثقفاً وأستاذاً جامعياً انخرط في السلك العسكري، حيث حاول دفع قادته، بمن فيهم لوكليرك، نحو تبني الوصول إلى حل سياسي للنزاع الفيتنامي
كان ذلك الرجل، كما يصفه المؤلف، مثل »ابتسامة تطفو على شفتين«.. هذا فضلاً عن انه كان »أحد أهم المستشرقين« في عصره حيث انه شغل بعد عودته من فيتنام مقعد »الحضارة الآسيوية« في »الكوليج دو فرانس«، أعلى المؤسسات العلمية في فرنسا.. 
 لكنه ورغم منصبه الأكاديمي العالي، كان يعتقد انه لا ينبغي للعلم أن يحرف نظراً لإنسان عن الفعل فيما يجري وإنما أن يتغذى منه ويحد عند الضرورة من جنوحاته. وكان »موس« قد انخرط عام 1943 في صفوف القوات البريطانية المحمولة جواً في سيلان
 حيث هبط بالمظلة للمرة الأولى في منطقة تونكين بناء على أوامر اللورد البريطاني »مونتباتن«، قائد قوات الحلفاء هناك آنذاك ثم أعاد القفز مرة أخرى بعد عدة أشهر في إطار قوات فرنسا الحرة. ونجا في المرتين بأعجوبة من وقوعه في الأسر بيد اليابانيين
 واستطاع أن يقدم معلومات ثمينة حول تنامي الشعور الوطني الفيتنامي، وخاصة تصاعد قوة الثوار اليساريين الذين رأى بهم، منذ كتابة تقاريره الأولى، المحور الضروري الذي لا يمكن تجاوزه. وأصبح »بول موس« بمثابة الخبير الأساسي لأية سياسة فرنسية حيال الهند الصينية
 وفي شهر أكتوبر من عام 1945 وصل الجنرال الفرنسي لوكليرك إلى فيتنام ليكتشف بسرعة أيضاً صحة الآراء التي كان »موس« قد تقدم بها وأن حل المشكلة الفيتنامية سيكون سياسياً أكثر مما هو عسكرياً
 وهكذا اتخذ الأستاذ الجامعي كمستشار سياسي له، إلى جانب مستشار آخر هو »بول روبيتون ــ برونوف« حيث كان الرجلان وراء التطور في ذهنية الرجل العسكري »لوكليرك« الذي مال شيئاً فشيئاً إلى ذهنية المفاوض مع »هوشي منه« في أول جولة للمفاوضات، غير المثمرة، عام 1946
 الرجل العملاق لقد نال »بول موس« لقب »العملاق« من قبل زملائه في »الكوليج دو فرانس« بحكم معرفته العميقة للشرق عامة، وللشرق الأقصى بصورة خاصة. ولا يتردد مؤلف هذا الكتاب في القول بأن هذا الرجل استحق بجدارة لقب »الحكيم« حيال مواقفه التي اتخذها أو التي دفع إلى اتخاذها حيال الصراع الفيتنامي الذي استمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى أواسط عقد السبعينات
 والذي كاد أن »يخرّب« النظام الجمهوري الفرنسي وأدى عملياً إلى »تفجر« المجتمع الأميركي. ويشير مؤلف الكتاب هنا إلى لجوء الكونغرس الأميركي مرات ومرات لاستثارة الخبير الفرنسي »موس« وأكثر من البرلمان الفرنسي، حول الشؤون الفيتنامية
 بالطبع لم يكن الأميركيون يشاركون »موس« قناعاته التي لم يكن يبوح بها إلا عندما يرى ذلك مفيداً.. وهذا ما اعتبره المؤلف »درساً« كبيراً في حياته عبّر عنه بالقول: »لقد علمني ما هو أفضل من الحقائق وهو انتهاز الفرصة المناسبة للإفصاح عنها«. 
 لم يكن الجنرال فيليب لوكليرك يعرف الكثير عن آسيا ورجالها وطموحاتها، لكنه كان يعرف كيف يحيط نفسه بـ »العارفين« بهذه الأمور كلها. وكان يعرف بأنه يمكن للشجاعة أن تكون »مستقيمة« هنا و»منحنية« هناك
 لكن من الصعب معرفة الحالة الذهنية التي قبل فيها هذا الجنرال بعد أسابيع فقط من تحرير مدينة »ستراسبورغ« من النازية مهمة قيادة القوات الفرنسية المرسلة إلى الشرق الأقصى. ذلك أنه من المعروف عنه أنه كان رجلاً قوي الشخصية ويمكنه أن يقول »لا« حتى للجنرال ديغول نفسه
 وينقل المؤلف عن الجنرال »فيزينيت« الذي كان أحد المقربين من لوكليرك، بل والذي كان قد كتب سيرة حياته. قوله بأنه »رفض منصب الحاكم العسكري لمدينة باريس الذي كان يمكن أن يقوده إلى كبح الهبات الشعبية ذلك أن شعبيته كانت تسمح له بأن يفعل ما لا يستطيع الآخرون فعله
 لكن هذا الفارس النبيل رفض القيام ببعض المهمات«.وليس مثيراً بدرجة أقل للدهشة واقع ان الجنرال لوكليرك قد قبل العمل تحت امرة مفوض سام هو »ارجونليو«. 
 وليس مفهوماً أيضاً أن الجنرال ديغول، قائد فرنسا الحرة، قد اتخذ مثل هذا القرار وهو الذي كان يعرف إلى أي مدى سوف يغطي الجنرال على المفوض السامي. ومهما كانت الحالة النفسية للجنرال من الغضب أو الإحساس بالإهانة، فإنه قد توجه خلال شهر أغسطس 1945 إلى آسيا
 لكنه قام قبل وصوله إلى سايغون بزيارة محطتين. كانت الأولى من أجل حضور عملية استسلام اليابان إلى جانب الأميركي »ماك ارثور« والثانية من أجل اللقاء باللورد »مونتباتن« قائد قوات الحلفاء في منطقة جنوب شرق آسيا
 في المحطة الأولى فهم من اللقاء مع »مارك ارثور« النوايا الحقيقية لواشنطن حيال عدم الترحيب بأية عودة لفرنسا إلى منطقة الهند الصينية، كما استنتج من المحطة الثانية ولقائه باللورد ــ الاميرال بأنه يمكن أن يكون مطمئناً على أن خلفاء ونستون تشرشل كانوا مؤيدين لإعادة تأكيد الحضور الفرنسي في جنوب شرق آسيا
كان لوكليرك يعرف شيئاً واحداً عندما وصل إلى ساغيون وهو انه هناك من أجل التأكيد بأن كارثة 1940، المتمثلة في الاحتلال النازي لبلاده واحتلال اليابان القصير الأمد للهند الصينية لم ينهيا الوجود الفرنسي في آسيا
 من هنا كانت ضرورة الحضور العسكري، حضور السلاح. لكنه بالوقت نفسه لم يكن يخلط بين باريس، التي ساهم في تحريرها من الاحتلال الألماني، وبين سايغون وهانوي إذ توصل سريعاً إلى أن المشكلة في الهند الصينية هي »سياسية« إذ »لا يمكن أن نقتل فكرة بالرصاص«. 
 لقد قابله مؤلف هذا الكتاب مع زميل صحافي بعد أن كانا قد كتبا مقالاً عنه.. استمرت المقابلة عشر دقائق فقط. فهل يمكن أن نسمي هذا لقاء؟. »نعم، إذا كان هذا الرجل قد مثل لفترة طويلة مرجعيات ما تفكر به وما يوجه سلوكك وما تقوم عليه التزاماتك«. 
 لقد قيل الكثير عن »سياسة« الجنرال لوكليرك في الهند الصينية، وبأنها كانت من صياغة مستشاريه »موس« و»ريبتون«. لكن ما يؤكده المؤلف هو انه في هذا النوع من القضايا هناك مسؤول واحد.. هو لوكليرك الذي كان »يقرر ويخاطر«. 
 وانه قد لاقى معارضة كبيرة من المفوض السامي »ارجانليو« الذي اشتكاه للجنرال ديغول.. وأكد لمؤلف هذا الكتاب شخصياً بأن الجنود الذين في امرته يرفضون القتال
 وقد أرسل »لوكليرك، مبعوثاً من قبله للجنرال كي يشرح له أسباب ميله للمفاوضات مع »الثوار الفيتناميين.. لكن ديغول عنّف بشدة الشخص الذي حمل الرسالة واتهمه هو ورئيسه ــ أي لوكليرك، رفيق معركة التحرير، بأنهما رفضا القتال في الهند الصينية
بركان تحت الثلج أبدى هوشى منه والجنرال جياب ورفاقهم ولاء كبيراً للنهج الذي حددته موسكو. لكن في البداية، وفي مطلع عام 1946 لم تكن الأمور واضحة تماماً. كان يقود الحركة مناضل شيوعي سابق كان قد تلقى تكوينه في موسكو بعد إقامة طويلة أمضاها في باريس، وكانت تساعده مجموعة من رفاقه
 لكن في المؤتمر الأول لهم، وفي الطابع الماركسي، ردد البعض شعارات موالية لأميركا مثل »الاستقلال أو الموت« واستشهد بعض المتداخلين بكلمات قالها ابراهام لنكولن، كما تلقى الثوار أسلحتهم الحديثة الأولى من عملاء للولايات المتحدة في الصين
 آنذاك كان هناك ستة وزراء شيوعيين يشاركون في الحكومة ولم يتردد زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي آنذاك موريس توريز في التأكيد باسمه، واسم رفاقه، بأنهم لن يقبلوا أبداً »إنزال« العلم الفرنسي في منطقة الهند الصينية
 لم تكن معروفة في الواقع »حقيقة« مدى التزام »هوشي منه« بالايديولوجية الشيوعية ولا مدى »تعدديتها«. باختصار كانت هناك أشكال كثيرة من غياب القناعات الثابتة والنهائية
 وما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن »هوشي منه« كان شديد الضيق في الفترة الأولى من الصينيين وصنائعهم وإنه كان على وشك قبول فكرة أن الوصول إلى اتفاق مع فرنسا هو الشر الأقل، بل وينقل عنه قوله لـ »بول موس« آنذاك: »من الأفضل أكل جزر الفرنسيين لمدة عشرين سنة من أكل جزر الصينيين لمدة ألف سنة«. 
 في ذلك السياق، تلقى المؤلف جان لاكوتور دعوات لإجراء أربع مقابلات مع القادة الفيتناميين، وهم وزير الإعلام »تران هوي ليو« ووزير الداخلية »فو نجوين جياب« و»هوشي منه« نفسه والامبراطور السابق »باو داي« الذي كان قد نال حديثاً لقب »المستشار السامي« لفيتنام الجديدة
 ولقد استنتج من لقائه بوزير الإعلام ــ أحد الوزراء غير الشيوعيين في الحكومة ــ مدى البغض الذي يكنه الفيتناميون لفرنسا إذ اعتبر الوزير بأن ا لشعب الفيتنامي لا يتطلع سوى لشيء واحد هو الإنهاء بأي شكل كان، لفترة »الاحتلال« الفرنسي
 وكانت الأفكار التي طرحها الامبراطور السابق »باو داي« الذي كان قد تخلى عن العرش بتاريخ 15 أغسطس 1945 غير بعيدة عما تفوه به الوزير، إذ أكد »داي« بأنه يفضل أن يكون »مواطناً في أمة حرة على أن يكون امبراطوراً في بلد خاضع للاحتلال«. كان الفرق فقط في الأسلوب
 فذلك الامبراطور الذي غدا »مواطناً« أكد بـ »نظرة ثقيلة« بأن زمن فرنسا في بلاده قد ولّى وانقضى وانه لم يكن ينتظر الكثير من المفاوضات بين ممثليها وبين فيتنام الجديدة. فـ »هل كانت تلك طريقة من أجل الصفح عنه، عبر المزايدة، لانه كان أداة بيد الاستعمار؟« يتساءل المؤلف
 أما اللقاء مع »فو نجوين جياب« الذي وصفه العارفون، افتراضاً، بأنه محرك »دينامو« الانتفاضة الثورية، فقد كان هو الذي ينتظره المؤلف أكثر من اللقاءات الأخرى. »ولم يخب أملي«، كما يؤكد إذ رهن له خلال ساعة واحدة، بأنه إذا كانت حركة »الثوار الفيتناميين« لا تسيطر تماماً على الوضع
 ولا يمكن أخذها كحركة ديمقراطية أو كمجموعة من محبي فرنسا، فإنها بالمقابل تمتلك كوادر ذوي كفاءات استثنائية. ثم يصف الدور الذي كان يلعبه الجنرال جياب إلى جانب »هوشي منه« بذلك الدور الذي لعبه نهرو إلى جانب المهاتما غاندي أو شوان لاي إلى جانب ماوتسي تونغ
 ينقل المؤلف عن الجنرال جياب قوله له: »لقد أراد الرئيس هوشي منه أن أتحدث إليك قبله وكلفني بمهمة أن أكشف لك بوضوح أهدافنا الاستراتيجية. إنها بسيطة وهي اننا نريد الاستغلال وليست الحرب ــ على عكس بعض حلفائنا
 وإذا استطعنا الحصول على الاستقلال دون الحرب مقابل تنازلات مؤقتة والاعتراف بمصالح جديرة بالاحترام، فإننا سنعرف كيف نكون صبورين ومعتدلين بمواقفنا. إننا لا نبحث عن أي ثأر، إذ أن ثقافتكم غالية علينا ولا نزعم فرض ايديولوجيتنا
 لكننا لا نساوم على المدى المتوسط أو الطويل، حول الهدفين الأساسيين المتمثلين بالاستقلال والحرية«. لقد قال الجنرال هذا كله بلغة فرنسية واضحة وفصيحة
 لقد قابل المؤلف بعد ذلك عدة مرات في فرنسا بعد توقيع الاتفاقيات حول الاستقلال، وفي هانوي أثناء الحرب »الأميركية«. 
 وفي الجزائر عندما استقبله الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين في »زيارة دولة«، ثم أخيراً في شهر نوفمبر من عام 2002 عندما كان قد »انزوى« في هاينونغ وهو يصارع مرض السرطان وعمره يناهز الـ 90 عاماً
 ويصف المؤلف الجنرال جياب بأنه رجل قصير القامة برأس كبير الحجم ونظرة ثاقبة وابتسامة محارب. »لكن الرجل ليس من أولئك الذين يتركهم التاريخ عرضة للنسيان«. وهو أيضاً لم ينس التاريخ حيث ينقل عنه جان لاكوتور بأنه ذكره بعد نصف قرن بمقابلة كان قد أجراها معه في شهر ابريل من عام 1946 حملت عنواناً تمثل في جملة كان قد تفوه بها وتقول: »فرنسا ونحن في حالة خلاف ودي«.. 
 ويومها انتصر »الخلاف« على الود. بكل الحالات، واجه الجنرال فو نجوين جياب امبراطوريتين: »الامبراطورية الفرنسية المترنحة والامبراطورية الأميركية التي كانت في طريق التشكل« وفي المرتين »خرج منتصراً«. 
 العم هو نال »هوشي منه« لقب ــ اسطورة »العم«، أو »باك« باللغة الفيتنامية.. أي الأخ البكر للأب المرشد والحامي وحكيم الأسرة بنفس الوقت و»العم« رجل قصير القامة نحيل الجسم متواضع الثياب، اشتهر بـ »صندله« المقطوع الذي أعطاه اسمه أيضاً.. 
 يبدو بنفس الوقت خائفاً قليلاً وبشوشاً كثيراً.. كما اشتهر أيضاً بلحيته البيضاء ذات »العشرين شعرة«.. واجمالاً »يمتلك هيئة حارس عجوز لمدرسة داخلية للفتيات تقاعد بعد خوض المعارك الاستعمارية«.. 
 وقد وصفه زائر أميركي بالقول إنه مثل »بابا نويل يعاني من سوء التغذية«. لكنه شخصية جذابة وآسرة إذ »ما أن ينظر إليك حتى تغدو مأخوذاً.. وما أن يتحدث حتى يسحرك بكلامه« كما يصفه جان لاكوتور قبل أن يضيف: »لم أقابل طيلة حياتي رجلاً يبدي هذا القدر من البساطة دون أية سخرية«. 
 هكذا كان »نجوين سين كونغ«، المدعو »نجوين تات تانه« المدعو »نجوين آي كووك« المدعو »هوشي منه« مخترع »الفييت منه« بعد أن كان قبل عشر سنوات أحد مؤسسي الحزب الشيوعي في الهند الصينية. ولقد جمع بذلك بين الحلم الثوري الفيتنامي والبيرقراطية الستالينية.. أو بين »غاندي« و»لينين« كان يتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة وبلهجة تعطي لأقواله »رائحة ما وراء البحار«. 
 وعندما التقى به المؤلف للمرة الأولى بادره قائلاً: »لقد قال لك صديقي جياب كل شيء. ولن أعود إلى هذا مرة أخرى. فدعنا نتسامر بالأحرى بين أصدقاء، بين باريسيين«. ثم أخذ العم هو يتحدث عن باريس في سنوات العشرينات حيث عاش وعمل فيها في إحدى المكتبات
 ويشير المؤلف إلى أنه سمع من فم العم ــ الاسطورة أقوالاً أعادها لأصحابها مثل فكتور هوجو واناتول فرانس واميل زولا وغيرهم.ويتحدث مؤلف هذا الكتاب عما كان قد شهده بأم عينه في هانوي يوم السابع من شهر مارس 1946 عندما استطاع »العم هو« بقامته النحيلة أن يفرض إرادته على الجماهير
 في ذلك اليوم كان الفيتناميون ينتظرون منه أن يقدم لهم تفسيراً للاتفاق الذي كان قد عقده عشية اليوم السابق مع الفرنسيين والذي ينص على السماح لهؤلاء بالعودة إلى عدة قواعد في تونكين لمدة خمس سنوات بينما يتم الاعتراف بفيتنام كـ »دولة حرة« داخل الاتحاد الفرنسي.. 
 وهذا ما بدا بمثابة مصالحة »عرجاء« بدلاً من تحقيق الاستقلال الشامل والكامل الذي كان »هوشي منه« نفسه قد أعلنه قبل عدة أشهر.تجمعت حشود كبيرة من سكان »هانوي« أمام ذلك المبنى الذي كان آنذاك دار »الأوبرا« في المدينة وأصبح بعد ذلك مقر الجمعية الوطنية الفيتنامية
 وعندما ظهر »العم هو« على شرفة المبنى استقبلته الجماهير بردود فعل متنوعة.. وتعالت هتافات القوميين المتشددين منددة بالشيوعيين، وبالتالي به شخصياً، ووصفوهم بـ »فيت ــ جيان«، أي بالخونة.. »لكنه تحدث بطريقة كانت كافية بعد نصف ساعة للجنرال جياب الذي توجه للجماهير بعده للقول بأنه إذا لم يكن الاستقلال المباشر قد تحقق فإنه مضمون
 وإنه إذا حاول الفرنسيون الالتفاف على الاتفاق فإن الثورة ستستأنف الكفاح المسلح كما فعل البلاشفة في برستار ليتوشك عام 1917، لتهتف الجماهير عندها بالإجماع تقريباً: هوشي منه موون نام، أي هوشي منه لألف سنة«. 
 كما يعبر »جان لاكوتور« ليؤكد بأن القرارات الكبرى الخاصة بفيتنام منذ تشكل الحركة الثورية في سنوات الثلاثينات والانتقال إلى العمل المسلح في مطلع عام 1944 اعتباراً من المناطق العليا في تونكين وإعلان الاستقلال يوم 2 سبتمبر 1945
 وتوقيع الاتفاق »العابر« مع فرنسا عام 1946 ثم التوصل إلى اتفاق نهائي في مؤتمر جنيف عام 1954 مع رئيس وزراء فرنسا آنذاك بيير مندس فرانس.. وكذلك العودة إلى القتال في جنوب فيتنام عام 1959 لخوض حرب دامية طويلة ضد القوات الأميركية وصولاً إلى قبول المفاوضات مع واشنطن عام 1968
 وحيث انتهت الأمور إلى هزيمة القوة العظمى الأميركية التي هزت المجتمع الأميركي لعدة عقود تالية. ووراء هذا كله كان هناك عمل رجل نحيل هو »العم هو« الذي ترجم إلى الواقع المقولة الشهيرة بأن »الإنسان هو الذي يصنع التاريخ«. 
سيهانوك متعدد الأوجه على مدى ثلاثة قرون من الحرب التي خاضها هوشي منه ورفاقه في فيتنام ضد فرنسا ثم ضد الولايات المتحدة الأميركية كانت كمبوديا المجاورة معنية بها مباشرة، هذا إذا لم تكن رهاناً أساسياً فيها.. وقد تجسدت تلك الأمة الكمبودية الصغيرة بشخصية متعددة الوجوه والمواهب: »نوردوم سيهانوك«.. 
 الذي عرفه مؤلف هذا الكتاب لأكثر من نصف قرن يقول: »لقد رأيت نوردوم سيهانوك خلال أكثر من نصف قرن بوجوه عديدة تتراوح بين الدبلوماسي والملك الحاكم الذي استقبل الجنرال ديغول في انجكور ومروراً بالصحفي والموسيقي والمحاضر والقائد الحربي«. 
 كان سيهانوك مولعاً أيضاً بعدسات التصوير من موقع من يستخدمها أو من تكون مسلطة عليه وكان عازفاً بارعاً على البوق.. لكن هذا كله لم يمنعه في عام 1935 من إطلاق »حملة ملكية من أجل الاستقلال« . 
 واختار المنفى في بانكوك وتجرأ على التحالف مع »الفييت منه« اليساريين ضد فرنسا قبل عام واحد من معركة »ديان بيان فو« الشهيرة التي انتصرت فيها قوات الجنرال جياب. لقد تحول هذا الرجل في غضون سنوات إلى مناضل جدي في حلبة الصراع الخاصة ببلاده
 وفي مطلع شهر مارس 1955 قرر التخلي عن العرش وكان قد جرى تنصيبه ملكاً. كي يؤكد على موقعه كـ »زعيم« حيث أكد بأنه سيكون لدى الشعب »جميع السلطات الضرورية« وسيكون لديه »كل السلطات الكافية«. 
 وينقل عنه المؤلف كتابته له في إحدى الرسائل لاحقاً: »ان قيامي بالتخلي عن العرش عام 1955 لم يكن أبداً عن خلفية حسابات سياسية من قبلي. وإنما كان إجراء لا مفر منه بسبب المعارضة الكاملة التي أبدتها الأحزاب السياسية آنذاك في أن يمارس الملك المسؤوليات المتعلقة بمستقبل الشعب وبصيانة الوحدة والاستقلال الوطنيين«. 
 وما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو ان علاقات حميمة قد ربطته بنوردوم سيهانوك حتى عرفت الفتور اعتباراً من عام 1970 عندما وقع في «شباك« الخمير الحمر. إذ »عندما اتخذهم كحلفاء في مقاومته ضد الولايات المتحدة وجنوب فيتنام أصبح على الأقل رهينتهم هذا إذا لم يكن متواطئاً مؤقتاً معهم«. 
 ويشبه المؤلف صديقه سيهانوك بـ »أحد شخصيات حكايات الشرق« التي كتبها فولتير إذ بعد أن امتلك مفاتيح القوة وجد نفسه أسير جنون »الخمير الحمر« الذين قتلوا مئات الآلاف من البشر.. ليعرف سنوات صعبة في نهاية حكمه إذ عاد وقبل العرش الذي كان قد تنازل عنه قبل ثلاثين سنة واضطر للتنازل عنه مرة أخرى عام 2004.. 
 هذا إلى جانب المرض الخطير الذي أصابه. لكن هذا ينبغي ألا يطمس حقيقته الدينامية الهائلة التي بذلها طيلة حياته من أجل بقاء كمبوديا المحاصرة من قبل كواسر متربصين هم ليسوا أقل من الولايات المتحدة الأميركية والصين وفيتنام وتايلاند
 ويؤكد المؤلف في محصلة حديثه عن نوردوم سيهانوك قوله: »إن لقائي به كان غالباً في ظروف متناقضة جداً بين الأفضل والأسوأ، دفعني إلى التفكير بأنه ليس هناك رجل مهما بلغت طيبته أن لا تعرضه ممارسة السلطة للفساد. لكنني أعتقد أنه يمكنني أن أشهد بأنه (.....) قد حلم بتضميد جراح شعبه«.

التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة بحوث مدرسية جاهزة نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 commentaires:

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

اتصل بنا

Nom

E-mail *

Message *

أرشيف المدونة

جميع الحقوق محفوظة © بحوث مدرسية جاهزة
تطوير : Bou7outh4U
بحوث مدرسية جاهزة © 2015